نقض قواعد مشروعية الإرهاب 3:آية السيف وقتال أهل الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم: " قاتلوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن
يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (29)التوبة.
هناك واقعان مختلفان متناقضان،واقع القرآن الكريم وحقائقه وتشريعاته،وواقع كتب التراث من أحاديث ومفسرين وتاريخ ،لا يعلم أحد حقيقتها ونسبتها ومن دَونها و
أفسدها ،أو زاد و أنقص منها إلا الله تعالى. في الأسفار التي ورثها السادة العلماء, نجد محاولات المفسرين لتفسير ما قد بدا غامضاً وغيرمفهومٍ لهم من المفردات القرآنية عبر التأويل الإفتراضي الآتي عبر عنعنات على ألسنة صحابة أو تابعين ،و اللجوء أحياناً لما
يسمى قراءات عشر وأحرف سبعة بهدف تطويع المعنى وفرضه على العقل ،وغايتها التحريف والتشكيك بكتاب الله، فهذه قراءة أهل الكوفة ،وهذه قرأها فلان هكذا،وقرأها زيد كذا،وبعد سلسلة من الحزازير والاختلاف بين كتب التفسير ، يخرج القارئ مشوشاً وقد ازداد الإبهام عنده . وكمثال على ما نقول، ها هو بعض من تفسير" عين حمئة " من كتب التراث :
"حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا ۗ قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (86) القول في تأويل قوله تعالى : حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (86) التفسير:* يقول تعالى : ( حَتَّى إِذَا بَلَغَ ) ذو القرنين ( مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ) ،
فاختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأه بعض قراء المدينة والبصرة ( فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ) بمعنى: أنها تغرب في عين ماء ذات حمأة، وقرأته جماعة من قراء المدينة، وعامَّة قرّاء الكوفة (فِي عَيْنٍ حامِيَةٍ) يعني أنها تغرب في عين ماء حارّة. واختلف أهل التأويل في تأويلهم ذلك على نحو اختلاف القرّاء في قراءته. ذكر من قال ( تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ): حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا ابن أبى عديّ، عن داود، عن عكرمة، عن ابن عباس ( وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ) قال: ذات حمأة.
حدثنا الحسين بن الجنيد، قال: ثنا سعيد بن سلمة، قال: ثنا إسماعيل بن علية، عن عثمان بن حاضر، قال: سمعت عبد الله بن عباس يقول: قرأ معاوية هذه الآية، فقال : ( عَيْنٌ حامِيَةٌ ) فقال ابن عباس: إنها عين حمئة، قال: فجعلا كعبا بينهما، قال: فأرسلا إلى كعب الأحبار، فسألاه، فقال كعب: أما الشمس فإنها تغيب في ثأط، فكانت على ما قال ابن عباس، والثأط: الطين.
حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثني نافع بن أبي نعيم، قال: سمعت عبد الرحمن الأعرج يقول: كان ابن عباس يقول ( فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ) ثم فسرها. ذات حمأة، قال نافع: وسئل عنها كعب، فقال: أنتم أعلم بالقرآن مني، ولكني أجدها في الكتاب تغيب في طينة سوداء.""""
فمعاوية , حسب الرواية يُحرف في القرآن وقَلب الكلمة " حمئة" إلى " حامية" لتتفق مع رؤيته بأن معناها"حمئة"= " الماء الساخن " وكأن لغة القرآن أعجمية !!!
( تَصْلَىٰ نَارًاحَامِيَةً) فالحامية صفة النار شديدة الإشتعال ،والحمأ صفة الماء عندما يتعرض لها ولحموتها. وابن عباس يفسرها بأنها " ذات حمأة" ، ما شاء الله، فحكٌموا كعب الأخبار بينهم،وهو من اليهود الذين أسلموا،ولغته العربية مهما كانت جيدة ، لن تكون بمستوى عربيين قرشيين من مكة ، ،،وهذا التحكيم شيء عجيب,،، والذي لا يقل
غرابةً عنه هوالجواب العجيب من كعب الأحبار بتفسير " حمئة" بالطين الأسود، فتصبح"حمئة"= طين وهو أسود= ثأط!!!!!! ،ويصبح جواب ابن عباس ،ترجمان القرآن الأعجمي الذي لا يعلمه سوى كعب الأحبار : " ذات حمأة" هو الصح مع أنه لم يفسرها بل وصفها.
والحق هو في قوله تعالى :"وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ (26) فالصلصال هو التراب الصلب: " خَلَقَ الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ " ما الداعي إذاً لتكرار كلمة من معنى واحد مرتين : الصلصال = حمأ (بزعمهم) في جملةٍ قرآنيةً واحدة ؟في عبارةٍ واحدة ؟
مع العلم أن مسنون صفة ل "حمأ" ؟؟ أما الطين فهو التراب الذي دخله الماء فأصبح لازباً: يقول تعالى: " فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَم مَّنْ خَلَقْنَا ۚ إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لَّازِبٍ (
ومن ما سبق نقول أن الإنسان خلق من شيئين:
أ.تراب شديد الصلابة كالفخار في صفته وقساوته,
ب.الماء والذي وضع على التراب القاسي بقدر محدد فنتج عنهما الطين اللازب،
وبالتالي معنى حمأ هو " ماء محدد الكمية أصابته نار وحرارة فصار حمأ ،و عين حمئة صفةً للعين النابعة من الأرض ، وهي ينابيع حارة بسبب قربها من البراكين. " مسنون" أي كالأسنان للمشط وأسنة الرماح بتساويها بالحد والطول،والمعنى : ماء حار بقدرٍ متساوٍ،وهي ربما نسبة الماء في الجسم البشري بقدر الثلثين أو أكثر ،والماء
الحار يفيد في تفكيك التراب القاسي،ومنه أن آدم وزوجه عند تمام تسويتهما كان جسديهما ما زال فيهما من الحرارة اللازمة للحياة التي أتت عبر الماء . غاية القول هو أن ما ورد من تفسيرات لا علاقة لابن عباس أو غيره
بها بل وضعت ولُفقت له لإضفاء المشروعيةعلى الإفك والتأفيك المستمر عبر السادة العلماء و تأصيلهما ،وما ورد فيهما ينسف قواعد مشروعيتها بالنسبة لأي قارئٍ عاقل متدبر لكتاب الله تعالى ، وخصوصاً محاولات تأصيل التحريف عبر استدعاء مما يسمى بالقراءات والترجمات لزعزةالثقة بكتاب الله سبحانه،وما يرى المتدبر
فيها ،أي كتب التفسير،إلا لساناً أعجمياً يلحد في آيات الله سبحانه وتعالى ,والمتدبر لسورة التوبة وآياتها لن يجد صعوبةً في نقض فساد التأويل التراثي للمعاني القرآنية، وخصوصاً ما يسميه السادة الفقهاء بآية السيف والتي قوضت بزعمهم،أي نسخت( النسخ بمعنى الإلغاء عقيدة فقهية فاسدة دخيلة على الإسلام ظهرت في العصر العباسي بعد قرون من تغرب العرب وأختلاط لسانهم باللسان الأعجمي، وقد بدت حلاً لمن
يُسمون بالفقهاء [وأكثرهم أعاجم] لما ظهر لهم من تعارض شكلي غير حقيقي بين بعض الآيات في القرآن،كنسخ،أي الغاء،،بزعمهم،، مثل نسخ آيات المواريث لآيات الوصية ،وحد الرجم المزعوم لعقوبة الجلد ) كل آيات التعارف والصبر والصفح و تشريعات الدفاع عن النفس ،ورغم وضوح قوله تعالى:" إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُواْ عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ" صدق الله العظيم
فسبب الحرب الشاملة واضح وهو خرق المواثيق والمعاهدات مع الرسول عليه السلام ،والعدوان ومظاهرة المعتدين أي التحالف الخفي معهم ودعمهم وتأييدهم،ومنع المؤمنين عن المسجد الحرام وحصر العناية بالبيت والسقاية بهم ،ومع ذلك،أُعطي المعتدون ٤ أشهر لعلهم يهربون أو يصلحوا ما أفسدوه،
وحتى وخلال الحرب مُنح من أراد منهم حق الإستجارة واللجوء، ومن ثم قراءة ما نزل على المؤمنين عليه بخصوص التبرء من العهود والمواثيق مع المشركين المعتدين ،فيعلمُ ما سبب القتال والحرب عليه وعلى اخوانه في الشرك ،فربما يكون غافلاً عن ذلك ،ومن ثم عزله عن المشركين وإيجاد موطئ آمن له بين المسلمين كعابر
السبيل تماماً: (وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ)، و أبلغه مأمنه ،أي أوصله المكان الآمن له وأخبره بحرمة دمه على كل المؤمنين. وسبحان الله،فّبلغ ،أبلغ،بلغ ،أبلغه= تفيد معنى الوصول لمكان والإخبار والبلاغ بشيء. ومع ذلك ،فإن الحق سبحانه ورغم حض المؤمنين على قتال حتى من كان قريباً بالدم والنسب والقبيلة من المشركين ،فإنه سبحانه يقول : (فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُون)َ فالتوبة هنا عدم انتهاك العهود والمواثيق مرةً أُخرى بعد هذا ،وأما (إقامة الصلاة) فهي ،أي الصلاة،متعلقة بالصلة مع المؤمنين وهي الصلة و العهد والصلح الذي كان قائماً،بإقامته والمحافظة عليه مرةً أخرى،ومن هنا :
أقاموا الصلاة معكم ،أي التزموا عهدهم و ميثاقهم معكم ،كالتزام المؤمن في صِلته وشعيرته مع الله بأن تبعده عن الزلل والموبقات والفحشاء وما حرمه سبحانه عليه ,وأما (آتوا الزكاة) فهي زكاتهم لأنفسهم في حسن سيرتهم وسلوكهم مع المؤمنين بالتزامهم الصلح والعهد والسلام الموقع، وهو بيانٌ ودليل عملي لارتقائهم وتحضرهم ،أي
تحقيقهم زكاة أنفسهم.وأما(إخوانهم في الدين) ، و "الدين" كلمة متعددة المعاني فتعني العقيدة والسبيل ،والشرع ،والقانون،وغير ذلك، فمثلاً،قوله تعالى(كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك (يوسف 76) فدين الملك هنا هو قوانينه الخاصة التي كانت ستطبق على أخ يوسف، وأما قوله سبحانه(فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم
في الدين) فالدين هنا هو الأُخوة في الإيمان وبالتالي،" الدين" في قوله (فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ) تعني "السلم الأهلي"، فما يدين به المؤمنون هو عدم الإعتداء،فالكل سواء في السلم، في التعامل العادل ،إلا إذا إعتُدي عليهم. والدليل على ما سبق قوله تعالى في الآية التي بعدها مباشرةً:
(وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُون) والأيمان هنا هو القسم والميثاق والمعاهدة ،وما سبق من التزام ب بإقامة الصلاة مع المؤمنين وتزكيته وتزكية أنفسهم التزاماً به،والنكث في الأيمان هو العودة للإعتداء وتدمير السلم الأهلي .
أما تفسير قوله تعالى في التراث المأفون: " قاتلوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (29)التوبة."" بأن المقصود هنا هو دار إيمان ودار كفر ،وعليه،فلا بد من المؤمنين المبادرة بالعدوان الشامل على أهل الكتاب
وغزوهم في ديارهم ،ومن ثم قهرهم وأخذ الجزية منهم من الُذل. وما سبق ،أي التأويل التراثي الفاسد، لنصٍ قرآنيٍ واضح ، هو أحد أعمدة الإرهاب لجماعات التكفير والترويع التي ألغت بعقيدة الناسخ والمنسوخ الهدامة الآيات التي تحض المؤمنين على الهجرة عندمايفتنون في عقيدتهم ،فشطبوها بحديثٍ ظني ينسب
للنبي عليه السلام" لا هجرة بعد الفتح" فألغى ما هو ظني وغير مثبت وفاسد وغير شرعي ما هو ثابتٌ ومُحكم وحكيم وصحيح ومحفوظ من لدن رب العزة سبحانه وتعالى وهذه الآية من آيات الحكمة كما
هو عموم آيات الذكر الكريم، ولا يجوز النظر لظاهر الكلمات فيها ،بل التدبر في عمق و َفتحِ معانيها: (وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ)،(وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) ومنه نفهم قوله تعالى: (قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً)
فالحكمة هي خلاصة المفهوم من كل معلوم،وهي من صفات القرآن العظيم فقوله سبحانه (قاتلوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ) يتعلق بأناسً لا يؤمنون بالله أصلاً ولا بأي حساب،وبالتالي هم لا يؤمنون بأي عقاب أخروي،
(ولا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ) ،،،
والتحريم :(قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ۖ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۖ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُم مِّنْ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ۖ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ۖ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151 الأنعام.
فكما نرى ، جرائم قتل النفس التي حرم الله قتلها و ارتكاب الفواحش هي من المحرمات التي يرتبكها هؤلاء ، ومن الفواحش الباطنة التي تتم سراً الإعتداء والإغتصاب والزنا ،فالإغتصاب هو جزء من باطن الفواحش التي يصاحبها تهديد بالكتم أو الخوف من الفضائح ، أو الجهل بماهيتها كاغتصاب الأطفال، فلا يعرف الطفل إلا الألم والخوف والعذاب مما ُفعل به. وقد يكون ما سبق كله في إطار من الفساد والإجرام المنظم.
(وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب) والكلمة القرآنية هنا واضحة كالشمس(من الذين أوتوا الكتاب)، ولم يقل سبحانه : أهل الكتاب،والفرق كبير. فالذين أوتوا الكتاب من قبلنا النصارى والذين هادوا ، ويستوي معهم مَن بعدهم أيضاً ،
فالمسلمون هم أيضاً ممن آتاهم الله تعالى الكتاب,، ( من الذين أوتوا الكتاب): أي فئةٌ مما سبق
والذين : ( وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ)
فالمسيحي منهم لا يتبع الإنجيل
والمتهود منهم لا يِّتبعُ التوراة
والمسلم منهم لا يتِّبعُ القرآن
(وهذا ينطبق على ما ورد في بداية الآية أن هذه الفئات من الناس هي :(َ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ)
والمعنى أن الآية تتعلق بالهجوم وقتال جماعاتٍ إجرامية منفلتة منظمة مارقة من أتباع الديانات السماوية جميعاً ،وليس قتال أتباع ديانات أو أقوام أو شعوب. بعينهم لإختلافهم عن المسلمين بالعقيدة،فلا إكراه ولا اعتداء في دين الإسلام.
(وأما قوله تعالى:(حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) :فالجزية هي العقوبة الُمقدرة ،والعقاب تبعاً للجريمة،،وأعطى الجزية : اي انقادَ وجعل عقوبته بيد من قاتلوه، أي : حاربوهم حتى يُقروا استحقاقهم العقاب وبشروطكم،وليس بشروطهم.
. وأما قوله تعالى ،وبذكر اليد بالمفرد وليس الجمع :(عن يدٍ)،وليس ( ب يدٍ) أو(من يدٍ,،أيدي،أيدٍ،،بأيديهم)
، فهو من أساليب الحكمة،فاليد هنا تعني المقدرة والتنفيذ والتعاون بين جمعٍ من الناس، والدليل(عن) ،والمعنى : بسبب أفعالهم وإجرامهم وتشاركهم،
(وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ )
فالأيدي هنا هي ما هيأ الله تعالى لنبيه وسخره له:(إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ (18) وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً ۖ كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ (19) وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ)
وفي قوله تعالى:(وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ)
نرى هنا توسع الكون بقدرة الله تعالى وما أوجد من مادة في الكون وقوانين أرساها تؤدي لذلك، ،
( وهم صاغرون)أي بعد تحجيم(قوتهم) وهزيمتهم فلا يعودون للإفساد في الأرض بعدها ، وهي,أي( وهم صاغرون) متعلقة ب(يعطوا الجزية).
خلاصة: الأكاذيب المفتراة على المرسل رحمةً للعالمين(أمرتُ أن أقاتل الناس،وجعل رزقي تحت رمحي) وغيرها الكثير، ستكون طوقاً من عذاب لأهل الجاهلية الكبرى،الذين فضح ادعاء تسامحهم المزيف التكفيريون على أرض الواقع الذي وُلدوا من رحم تراثهما المشترك وأنتج حصادهم قتلاً وسبياً وتدميراً وفساداً في الأرض .
الدواعش اليوم يبيعون الإزيديات ليلاً بمئات الدولارات،ويأتون صباحاً و يعيدون شرائهن ليعيدوا بيعهن لشخصً جديد،وهي دناءة وحقارة ودعارة وإفسادٌ في الأرض تحت عباءة الدين ، ،بينما يعاقبون من ينشرون ثيابهم المغسولة لتجفيفها على أسطح البيوت ،وخصوصاً النسائية بدعوى أنها مثيرة للشهوات.
ونحن اذا نبرئ الصحابة ،الذين وصلنا القرآن الكريم عبرهم، بتكفيرهم من البعض، ونبرئهم من ما ورد في روايات التاريخ من أسباب التوسع الحربي خارج حدود مكة
والمدينة وما ذُكر فيه من ادعاء السبي والقتل غير شرعي، قيل أنه كان بأمرهم،ويستند عليه الدواعش بفكرهم ،ونقول أن من يُنكر العنعنات الحديثية لا يحقُ له الاستشهاد بالعنعنات التاريخية : فالإثنان: التاريخ والحديث، يأتيان من نفس الحنفية.
ولا بد من ذكر الأدلة التاريخية المنطقية في مقالٍ مفصل وبحث تاريخي ضخم يرد عليهم نقطة بنقطة.
،فالتاريخ فيه شيء من الصحة يتبعه الكثير من الكذب،وإلا فكيف ستمر الكذبة ويصدقها الناس؟؟ وكيف ستذرف الدموع على أبي لؤلؤة إبن جلدة الطبري وتلعن ابن الخطاب الذي اضطهده وقومه،
ولا يضر هنا ذكر بعض أسباب الحروب مع الفرس الروم:
أ.بدأت الحرب فعلياً مع الروم في حياة محمد ص .
.ب تصفية الدعاة والمبشرين المسلمين الذين ذهبوا للتبشير بالإسلام
ت. انطلاق جيوش ضخمة من الأعراب ومدعي النبوة من مناطق سيطرة الروم والفرس وبدعم وتحريض مباشر ,وإحداهن كانت امرأة وخرجت من جنوب العراق ب40 ألفاً لاجتياح مكة والمدينة وإبادة من فيهما بعد وفاة النبي عليه السلام, ولولا أن هناك فعلاً قوةً قديرة حمتهم وحمت هذا الدين لحدثت إبادة واسعة النطاق
.ث.إبادة أحد جيوش المسلمين في كمين من قبل الروم بعد هزيمة أحد مدّعي النبوة وفراره لمناطق سيطرتهم
.ج. تشجيع الروم ودعمهم وتمويلهم لمساجد الضرار حتى تكون نقاط متقدمة للحشد الحربي والتخريب وقد حدث هذا فعلاً في حياة النبي عليه السلام.
. د. وقفت الحرب فعلاً عند حدود مصر,جبال طوروس شمال سوريا, جبال زاغروس شرق العراق.
وهناك دلائل معروفة عن عمر ابن الخطاب بوقف الحرب لتحقق تأمين المسلمين في دولتهم ومقولته الشهيرة: ليت بيننا وبين الفرس جبلاً من نار لا ينفذون إلينا ولا ننفذ إليهم)فكانت أمنيته ان تكون جبال زاغروس من نار فلا يبغي أحدهما على الآخر,ولبعد رؤيته رضي الله عنه ,ولكن الضغط العسكري الرومي أجبر العرب على الإنسحاب لفترة وجيزة من العراق لصالح الفرس,تبعه بعدها هجوم مستمر وضخم من الفرس أجبر عمر على التوغل في عمق دولتهم لإنهائها.
ما خالف أصحاب النبي عليه السلام كتاب الله الذي أتى إلينا عبرهم,بل طبقوه ولم ينهبوا ولم يسبوا نساءً, وإلا كيف حافظت فارس وغيرها على تراثها ودينها وتركيبتها السكانية ولغتها وحضارتها حتى المجوسية غير ممسوسة
وكذلك الشام ومصر التين بقيتا قروناً أغلبية مسيحية مع جماعات وثنية ومعابدها التي لم تمس بمن فيها عبدة الشيطان,مع الإشارة للمجاعات التي حصلت وعانى منها الجميع فأين المنهوبات والذهب والمحاصيل المنهوبة التي تحدثواعنها؟
لا ينفي ذلك وقوع أخطاء,ولكن يبقى المسلمون الذين رباهم محمد ص الأرقى في التعامل مع اهل الشعوب التي وصلوا لها.
وأما شريعة القرآن السمحة الرحيمة فهي صالحة لكل زمانٍ ومكان. فالمؤمنون المضطهدون في دينهم في أي مكانٍ و في أي زمانٍ مأمورون بالصبر والهجرة حتى لا يُفتنوا في دينهم ،أو دفع الأذى ورد العدوان عنهم عند القدرة،إن وجدت لديهم ،،وإن كانوا في دولةً مسلمة مسالمة فهي من ترد العدوان عن الجميع ،فلا عدوان إلا على الظالمين. والحمد لله رب العالمين من قبل ومن بعد.
More articles from this author
- سعادة المستشار الفاضل
- إبليس
- الأستاذ الفاضل فوزي فراج
- شكرا سعادة المستشار
- مرحباً أخي ناصر
- الدكتور الكريم عز الدين
- الدكتور الكريم عز الدين
- دكتور عز الدين من خاطبك ليس أنا
- الفاضل دوماً الأستاذ فوزي
- أطعنا سادتنا وكبرائنا
- تساؤلات عظيمة
- التفسير بحول الله تعالى
- تساؤلات من القرآن الكريم
- نقاط كثيرة سعادة المستشار
- يا إخوان أين الشخصنة
- سعادة المستشار الكريم
- الإعتراف بالحق
- أخي الكريم سعادة المستشار
- الدكتور الفاضل عز الدين
- أخي الكريم محمد دندن
- سعادة المستشار الفاضل
- أخي الكريم عوني
- الأستاذ الفاضل فوزي فراج
- رداً على أسئلتكم أستاذ فوزي وإعادة طرح التساؤل
- الدكتور الفاضل دوماً عز الدين
- سعدت بالحوار معك
- الأستاذ الفاضل فوزي فراج
- هل من يدلنا على كيفية تنزيل الصور على المقال
- لم أتوقع هذا التهكم من قبلكم
- لقد حدثت الضجة
- الأستاذ الفاضل فوزي فراج
- شكراًُ أستاذ فوزي
- العِلمُ والدينُ
- نعم بارك الله فيك
- ما أويته موسى عليه السلام
- وأنتم بخير
- قواعد مشروعية الحج
- ترتيب المقالات
- وأنتم بخير
- الأخ الكريم رشيد ميداني
- الأخ الكريم بسام
- من أين نبدأ
- تابع
- شكراً سعادة المستشار
- لا حرمنا الله من تساؤلاتك
- تابع 2
- تابع3
- تابع 4
- تم تعديل التعليق الأخير
- شكراً دكتور عز الدين على المداخلة القيمة
- آدم
- الأخ الكريم حامد رويحي
- الدكتور الفاضل عز الدين
- أخي الكريم عوني
- الأخ الكريم حامد
- الأخ الكريم حامد رويحي
- -----------------
- الأستاذ الكريم عمار نجم
- الشفاعة
- مرحباً أستاذ فوزي
- المس وإعادة النظر
- أؤيدك أخي عوني
- الجنابة
- بالتوفيق أستاذ شعبان
- المسجد الأقصى
- عدل التعليق السابق
- الأجور
- الأخ الكريم بسام
- كيف أتيت بهذا أستاذ شعبان
- كل عامٍ وأنتم بخير
- شكراً دكتور عز الدين
- ألأستاذ الفاضل فوزي فراج
- مع الأستاذ فوزي فراج في مطلبه
- أستاذي الفاضل فوزي فراج
- سعادة المستشار شريف هادي
- فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ
- مع الشكر
- التهريج في دين الله
- الاخ الكريم عوني
- بالتأكيد اخي الكريم
- شكراً على النصيحة
- الأستاذ الفاضل فوزي فراج
- أخي الكريم عوني
- توضيح
- أخي العزيز نبال
- الأخوين الكريمين عوني ونبال
- .....
- إضافة عن المغانم
- نداء للدكتور الكريم عز الدين نجيب
- الدكتور الفاضل عز الدين
- وان تجمعوا بين الأختين
- بعض الأجوبة
- المهازل
- أصحاب الكهف والرقيم
- نعم اخي بسام
- مهلاً دكتورنا عز الدين
- الاخ ماهر ضياء
- أخي عوني
- بارك الله فيكم
- تساؤلات 29
- أخي الكريم
- قالها الدكتور حسن
- الأستاذ القدير أحمد شعبان
- عجيب
- ما الفرق
- أخي الكريم عوني
- سعادة المستشار
- أخي الكريم بسام
- وماذا كان الرد
- إن شاء الله يرجع بالسلامة
- الحمد لله تعالى
- الحمد لله تعالى
- تأييد تام
- الدكتور الفاضل عز الدين
- مرحباً
- الأستاذ الفاضل فوزي فراج
- كل عام وانتم بخير
- الشكر لك أستاذ شعبان
- الفاضل دوماً أستاذ فوزي
- أستاذ مصطفى
- نعم أستاذ مصطفى
- أستاذ أحمد شعبان
- أحسنت
- أستاذ شرف هادي
- ألأستاذ الفاضل فوزي فراج
- الشكر الجزيل للأفاضل أعمدة الموقع
- مداخلة
- شكراً لك على المقال
- مرحباً أستاذ غالب
- الأستاذ الفاضل فوزي فراج
- مرحباً أستاذ فوزي
- النسيء
- سبحان الله
- شكراً أستاذ عادل
- مرحباً بك
- لما السخرية
- وعليكم السلام
- إليك أجوبتي اخي اليزيد
- 2
- تم تصحيح
- شرح جيد
- أين أنت أستاذ فوزي
- 2
- نعم
- شكراً أستاذ فوزي
- شكراً على هذه التساؤلات
- بقية التساؤلات
- الوصول للموقع
- بل الشكر لك دوماً
- شكراً
- لا بأس عليك
- شكراً لك
- كل عامٍ وأنتم والجميع بألف خير
- لعلك لاحظت
- شكراَ أستاذ فوزي
- الثالث
- الرابع
- الأستاذ الفاضل فوزي
- 2
- النمل يتكلم
- هو كذلك
- مرحباً
- شكراً جزيلاً
- تتمة
- الرابع
- وعلى الذين يُطيقونه
- وعلى الذين يطيقونه 2
- تأملات في سورة العاديات
- نكاح أزواج الأدعياء: محمد ص، زيدٌ وزينب
- التماثيل،الأصنام والأوثان،الرِجزُ، الرُجزَ
- ما ملكت أيمانكم:الحقيقة من كتاب الله عز وجل